المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفنا لنتأمل ...!


اصيل عبس
07-24-2015, 12:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الإيمان هو غاية المسلم ، وإن من أهم السبل الموصلة لزيادة الإيمان وتعميقه في النفوس التأمل
،التأمل في آيات الله الشرعية والكونية
ولكن علينا ان نتوقف هنا برهة من الزمن، ونفكر هل يقتصر التأمل فقط على التأمل فى آيات الله الكونية فحسب ؟
الإجابة هنا ستكون لا ،فما علينا تأمله هما شيئان لا ثالث لهما هما التأمل فى آيات الله الكونية والتامل فى قرآنه الكريم
لقد حثنا الله - عزوجل -فى كتابه العزيز على التأمل فى أكثر من موضع
فقد ذكرت كلمة يتفكرون حوالى 18 مرة فى القرآن الكريم ،
وهناك حوالى 1300أية تتحدث عن الكون والمخلوقات وهذا تقريبا سدس القرآن ،
وكل ذلك يدل على أهمية التآمل فى حياتنا ، فهيا بنا نبحر في رحلة تأمل؛ لنرى كيف يمكن للمتأمل أن يزداد إيمانه،
ويشعر بسعادة واطمئنان في نفسه وبهجة في قلبه يصاحب ذلك كله شعور بالمحبة والرضا والأنس،
تعجز الكلمات عن وصف تلكم الحالة وذلك الشعور الرائع ،ولنرسو معا عند أولى محطاتنا


فعندما نسرح بخيالنا فى جمال تلك الشجرة الخضراء ذات الأزهار المتفتحة ،
والثمار اليانعة ، تلك الحُــلة الخضراء التي تكاد تبهر ، وتخطف أبصار الناظرين والمتأملين إليها ..
إننا حين نستشعر هذا الجمال يعجز اللسان إلا أن يقول سبحان الله،
ومن ثم فى غمرة ذلك التأمل تتهادى على العقل أسئلة عدة منها ،
كيف خرجت تلك الشجرة الباسقة من تلك الحبة الصغيرة التى لم تتجاوز عقلة الإصبع ؟
وأسئلة عدة حينما تطرأ على ذهن المؤمن تكون الإجابة حاضرة إذ إنه الله ،
ومن ثم يعيش لحظة إيمانية ويزداد إيمانه بالله ،ولكن بالنسبة للكافر سيعلم بأن هذه الشجرة لم تخرج من تلقاء نفسها
وبالتفكر سيصل إلى نفس النتيجة فإما أن يؤمن وإما أن يجحد ،
وبعد ذلك يدرك الإنسان سواء أكان مؤمناً أم كافراً أن لهذه الشجرة علينا أفضال كثيرة
فهى نقاء الجو ومن خشبها نصنع الأثاث ومنه يخرج الدفء وفوائد عدة أخرى ويدرك المؤمن أنعم الله المنهمرة ولا يسعه إلا أن يقول الحمد لله

والخلاصة
أننا فى تأملنا نمر بالآتى :
1- نستشعر جمال الله فى خلقه ونسبحه
2-يتغلغل الإيمان فى نفوسنا
-وأما بالنسبة للكافر فإما أن يهتدى ، وإما أن يجحد وهذا الذى مرض قلبه
3-وأخيرا نستشعر نعم الله المنهمرة علينا ونشكره


ولعل هذا ما سنحاول فعله فى خلال رحلتنا ،،،،



إن الليل والنهار آيتان كونيتان عظيمتان من آيات الله في الخلق،
تشهدان علي دقة بناء الكون هذه الآيات معروضة للأنظار، يراها العالم والجاهل،
ولها في القلب البشري روعة مباشرة وقد ذكرا فى القرآن كثيرا والآن لنتأمل قوله تعالى :

" يُكَوِّرُ ظ±للَّيْـلَ عَلَى ظ±لنَّهَـارِ وَيُكَوِّرُ ظ±لنَّـهَارَ عَلَى ظ±للَّيْلِ "

فلنتساءل هنا لماذا استخدم الله سبحانه وتعالى كلمة يكور ولم يستخدم أى لفظ آخر ؟
حسنا لنفكر معا إنك لو جئت بقماش ولففته حول كرة فإنك تقول إنك كورّت القماش أى جعلته يأخذ شكل الكرة الملفوف حولها ،
فهذا يعنى أن القماش يحيط بالكرة كلها فى آن واحد ،والآن لنربط ذلك بالليل والنهار فنجد هنا الشئ نفسه ،
إذ يعنى أن الليل والنهار مكوران حول الكرة الأرضية ويحطيان بها فى كل وقت ولكن هل إلى هنا ينتهى التأمل ؟
لا
إذ أن بلاغة القرآن لا تزال تذهلنا فى هذه الأية حيث أن استخدام كلمة على يستحق وقفة لماذا لم يقل الله يكور الليل ثم يكور النهار ؟
إذا ما دققنا النظر فى المعنى نجد أن المعنى يشير إلى انهما موجودان معا فى نفس الوقت حول الكرة الأرضية،
وهذا ما اكتشفه الإنسان فى العصر الحديث الآن،
حيث كان اعتقاد الناس أن الليل يغمر الكرة الأرضية كلها ثم يأتى النهار فيغمرها من بعده وهذا ما نبأ به القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا
مارأيكم أن نتأمل فى تلك الأية الكريمة ؟

" فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة "

لو تأمل الناس هذه الأية لعرفوا الاعجاز القرآن فى هذه وحدها،
ولكان الاعجاز فيها كافيا لأن يؤمنوا لقد وصف الله النهار بانه هو المبصر،
ولكن هل النهار هو الذي يبصر أم العين هي التي تبصر؟
الذي نفهمه من تلقائية الأبصار أن العين هي تبصر،
ولكن الحقيقة العلمية تختلف، فلقد ثبت علميا أن ضوء الشمس ينعكس على الأشياء ثم تدخل أشعة النور الى العين فتبصر،
اذن فالعين لا تبصر بذاتها ولا بذاتيتها ولكنها تبصر بالضوء الذي ينعكس على الأشياء الموجودة أمامهما ويدخل اليها،
فإذا وجد الظلام فان العين لا تبصر ولا ترى شيئا في الظلام إلا أن تأتي بمصباح أو مصدر من نور يلقي الضوء على الأشياء فينعكس على العين فتبصر،
وهكذا نرى دقة التعبير في القرآن الكريم في قوله تعالى.


"
ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين "

هى كالالئ المنثورة على السجاد الاسود تشع جمالا ونورا وتبهر الإنسان بروعتها،
وبالرغم من بعد النجوم عن الارض مئات الاميال بل إن تلك الجملة لا توفيها بعدها الشاسع عن الارض ،
فهى تسبح فى فضاء الله الواسع،
ولكن بالرغم من ذلك خلقها الله وجعل لها منافع جمة تفيد الانسان كيف لا وهى هدى الانسان فى الظلمات،
وكانت ذات فائدة عظيمة للإنسان منذ قديم الأزل فقد كانت ترشد البحارة فى السفن، وترشد الرحالة فى الصحراء
وكل ذلك بالرغم من بعدها جعلها الله نعمة للإنسان وجمالا تسرح فيه العيون
فسبحان الله الخالق البارئ المصور

حينما تتأمل حولك من نباتات مختلفة الألوان والأطعم ؟
ألا يثير ذلك فى نفسك تساؤلا ما ،مثلا كيف يحدث ذلك التنوع بالرغم من أنها جميعا تسقى بماء واحد، وتزرع فى أرض واحدة ؟
فالغذاء في الأرض بعناصره كله واحد متجانس ،
ولكننا نجد كل ثمرة لها طعم وشكل ولون ورائحة وحجم يختلف عن الأخرى فهذه حلوة وهذه مرة وهذه كبيرة وهذه صغيرة وهكذا
،والآن لنر ماذا قال العلماء بخصوص ذلك الشأن ؟
لقد توصلوا إلى ان الغذاء يصعد من جذور النباتات الى الساق والأوراق والثمار ليغذيها،
وذلك عن طريق الأنابيب الشعرية ويدللون على صحة نظريتهم بأنهم يأتون باناء واسع ويضعون فيه أنابيب شعرية
فنرى الماء يصعد فيها ان هذا التفسير العلمي قد أوضح شيئا و غابت عنه أشياء،
فالماء يصعد فعلا في هذه الأنابيب الشعرية لكنه يصعد بكل محتوياته
فأنابيب الشعرية لا تميز بين عناصر الماء فتأخذ عنصر وتترك عنصرا
وذلك عكس النبات الذى يميز فتجد أشجار الليمون اللاذع بجانب أشجار التفاح الحلوة،وهكذا،
وهنا تتجلى عظمة الله فى الخلق وعندما نتأمل القرآن الكريم نجد بأن الله قد بين تلك النقطة فى تلك الأية الكريمة

" وفي الأرض قطع متجاورات وجنات أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل ان في ذلك لآيات لقوم يعقلون"












(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ )

من أعظم آيات الله فى الكون الجبال تلك الجبال التى نراها من حولنا وفى الصحراء، نمر عليها مر الكرام،
بل تعجبنا ارتفاعاتها الشاهقة وأحجامها الضخمة وامتدادتها الشاسعة وكأننا ننظر الى حجر ضخم أصم،
لا يتحرك بل تؤثر فيه عوامل التجوية المختلفة من رياح وأمطار وارتفاع الحرارة بالنهار وانخفاضها بالليل وغير ذلك من عوامل التعرية.
هى متاع للعين وجمال أبدعه الله وجعله مع جماله اية ونفع للإنسان ،فهى بيئة المحاجر والمناجم لمختلف المواد الاقتصادية
من حديد وفوسفات وحجر جيرى ورمل وغيرها من الاشياء التى تنفع الإنسان وتساعد على إستقراره
فقد جعلها الله رواسى تثبت الارض وتحافظ على توازنها كما أنها حماية للإنسان من أشياء كثيرة فهى الأكنان والاكنان هى جمع كن، وهو الكهف أو المغارة في الجبل تكون سكناً وساتراً لمن يلجأ إليها ويحتمي بها
قال تعالى:
(وَاللّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلّكُمْ تُسْلِمُونَ) [سورة: النحل - الأية: 81].

ولكن أيه الجبال لم تتوقف إلى هذا الحد فمع هذا الوصف السابق، نجد الجبال أنها تتحرك لقوله تعالى:

(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرّ مَرّ السّحَابِ صُنْعَ اللّهِ الّذِيَ أَتْقَنَ كُلّ شَيْءٍ إِنّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) (سورة: النمل - الأية: 88)

فسبحان الخالق الذى جعل هذه الرواسى متاع للعين ومنافع للإنسان وميزان للأرض وجعلها -وتلك الاعظم- أية تدل على خالقها ف سبحان الله










عندما نسرح بخيالنا فى تأملنا للانعام ،تلك المخلوقات التى ذللها الله لنا ،
نجد أن الحق سبحانه قد أعطانا الترف بجانب الضروريات فالدِّفْء والمنافع والأكل ضروريات للحياة،
أما الجَمال فهو من تَرَفها، فتلك الانعام تمدنا بالكثير الكثير فمن أصوافها وأوبارها وأشعارها نلبس ونفترش
ومن ألبانها نشرب و من أولادها نأكل ولنا فيها أيضا من الجمال وهو الزينة وقد تناولت سورة النحل تأملا رائعا للأنعام من جوانب شتى
فبدأت آيات المتعلقة بالأنعام بأن وضحت منفعية الأنعام بأنها دفء لنا
والمقصود هنا الثياب وما يسبب دفء الإنسان وطعام ومنها نأكل
ومن ثم تبين الايات جمال الأنعام وأنها زينة لنا وهكذا فنحن حين نتأمل الأنعام ونستشعر ما فيها من جمال
نجد أنها تتميز بقوة وتحمل كبيرين حيث تحمل أثقال الإنسان إلى بلد يعجزالإنسان عن بلوغه أبدا وهذا ما بينه الله هنا


"وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ • وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ • وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ "

وغيرها من مواضع كثيرة جدا فى القرآن ولنا وقفة صغيرة عند تلك الأية

" الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون "

نجد أن الله عزوجل قال هنا بعد تعداد هذه النعم " إن ربكم لرؤوف رحيم "
وهذا ليذكرنا الله سبحانه وتعالى بأنه هوالذى قيض لنا هذه الأنعام وسخرها رحمة بنا ورافة فعلينا ان نشكر نعمه التى لا تعد ولا تحصى












فاذا تركنا السماء وأسرارها ونزلنا الى أعماق البحار والأنهار،
وجدنا شيئا عجيبا، فتلك الصفحة الزرقاء التى هى صفاء للنفوس وراحة للقلوب ،
المليئة بألوان اللؤلؤ والمرجان والتى نشرب منها ذلك الماء العذب الفرات ،
الذى هو سر الحياة والتى هى موطن لذلك اللحم الطرى الذى نتخذه غذاء ،
نجد القرآن كان أول كتاب يتحدث عن أنواع المياه بدقة فائقة ويعطينا تصنيفاً علمياً لها ويصنفها بما يتناسب مع درجة نقاوتها

فقد قال تعالى

" وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ"


كل المياه التي نراها على الأرض سواء في الأنهار أو البحيرات أو مياه الآبار
جميعها تحوي أملاحاً بنسبة لا نكاد نشعر بها ،ولكنها لا تغيب عن الله تعالى وهو خالقها.
لذلك جاء البيان الإلهي بصفة ثانية بعد عذب وهي فرات أي مستساغ المذاق بسبب انحلال بعض المعادن والغازات فيه والتي تعطي الماء طعمه المعروف ،
بينما كلمة ملح لا تكفى وصف ماء البحر بشكل دقيق لذلك أتبعها الله بصفة أخرى هى أجاج أى زائد عن الحد،
لأننا من الناحية العلمية إذا قلنا إن هذا الماء يحوي أملاح
فإن هذا لا يعني شيئاً لأن كل المياه على الأرض فيها أملاح بنسبة أو أخرى ،
فهذا يدل على مدى بلاغة القرآن ،وهنا لفتة أخرى


" مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ "

وكما نعلم الآن أن وسائل العلم الحديث قد وصلت إلى تصوير البرزخ بين البحرين ،
ومن حكمة ربنا ورحمته بنا أن جعلهما لا يبغيان على بعضهما البعض
وفي هذه الآيات دليل واضح على أن الفصل بين البحرين بواسطة البرزخ
إنما جعله رب العالمين حتى يحفظ في كل بحر منهما موجوداته
فأكثر الحيوانات البحرية التي تعيش في المياه العذبة لا تستطيع العيش في المياه المالحة والعكس صحيح